عرف نشاط الصيد البحري وأنشطته الملحقة المتعلقة بمعالجة و تعليب الأسماك، منذ العصور القديمة، حضورا قويا على السواحل المغربية. حيث نجد لهذه التقاليد آثارا أركيولوجية باقية في عدة نقاط من الساحل بين فم اللوكوس والصويرة.

« البحارة المغاربة و بمغربهم البحري : يدينون بالحب لبحرهم و يعشقون الصيد فيه »

على طرفيه، الشمالي و الغربي : المغرب بلد بحري بامتياز.
نحو الشمال، يوجد بحره الشمالي الجميل، البحر الأبيض المتوسط، حيث ينطلق المغاربة على طريقتهم في رحلة الإستكشاف لاستغلال ثرواته البحرية، وباتجاه الغرب، المحيط الأطلسي الشاسع حيث بدأ المغاربة رحلة البحث عن الكنوز البحرية.
كشعب بحري بامتياز، نسج المغاربة علاقات وروابط مع بحرهم على مدى قرون، تتمثل أساسا بأنشطة صيد الأسماك، التي تشهد عليها مرافئ و موانئ الصيد القديمة والحديثة حيث تتعايش سفن الأمس مع سفن اليوم في انسجام خلاب.

« شهادة من التاريخ »

منذ زمن بعيد، كان الصيد البحري يمارس فقط من قبل عدد قليل من الصيادين على متن قوارب التجديف الصغيرة في بعض أجزاء الساحل المغربي.
ثم تطور الأمر مع بناء أول المرافئ للموانئ المستحدثة، مما أعطى دفعة للاستغلال البحري ولولادة صناعة قائمة الذات للصيد البحري.
لتكون بعد ذلك سنة 1918 شاهدة على بداية الصيد البحري المغربي، مع ظهور القوارب ذات محرك وقوارب التجديف الصغيرة والشراعية، التي أفرغت أنذاك حوالي 350 طن من الأسماك منها 230 طن من السردين والأنشوجة والأسقمري والتونة والبينيث.
وانطلاقا من العشرينيات، تحرر الصيد البحري المغربي من القيود الإدارية وتطور بفضل نظام المياه الإقليمية المغربية وقواعد الحفاظ على النظام البيئي والتشريعات البحرية وحق الصيد.
لتظهر العديد من شركات تمليح وتعليب السردين سنة 1925، كبداية لإنشاء صناعة صيد بحري مغربية حقيقية.
وفي بداية الثلاثينيات، عمل المغرب على تحديث سفن الصيد وزيادة قدراتها و سعتها، الشيء الذي سمح بزيادة مطردة و منتظمة في حجم المصيد انطلاقا من سنة 1957؛ وبالموازاة مع ذلك، أصبح الصيد البحري أكثر أهمية في رحم الاقتصاد الوطني.
وفي أواخر الستينيات، عرف الصيد البحري أوج ازدهاره وسمحت هيكلة القطاع بديناميته وتطوره المذهل، من خلال تنفيذ العديد من التدابير التي تدخل ضمن تعزيز و تطوير قطاع مصايد الأسماك البحرية.
ثم وضع المغرب في أوائل ثمانينيات القرن العشرين، أهدافا طموحة للصيد البحري، تتراوح بين ضمان و تجويد الأمن الغذائي وخلق الوظائف إلى غاية إدماجه في المخطط الاقتصادي والاجتماعي.
وحيث لا يتوقف عن التجديد، انخرط قطاع الصيد البحري المغربي في خلال العقود الأخيرة في وتيرة تحول نحو التصنيع متزايدة، وفي تنظيم أبحاث واسعة في المحيطات والتسلح بترسانة و تجهيزات و معدات عالية الإنتاجية.
واليوم ، تمت هيكلة هذا القطاع، ولا سيما من خلال إنشاء آليات إدارية وقانونية ومالية مناسبة مكنته من تعزيز قدراته ووسائله لتعزيز و تثمين التراث البحري الوطني. وهكذا، سمحت جميع هذه التدابير بالتحديث التدريجي للصيد البحري، وتعزيز و عصرنة صناعات الصيد، وتكثيف البحوث العلمية البحرية والتكوين البحري.