تاريخيا، تأتي علاقات المغرب بالبحر من ثلاث سجلات متمايزة : طريق تجارية، ومجال للحرب، وأخيراً مصدر عيش لجزء من سكانه. ومن بين هذه السجلات الثلاث، فمما لا شك فيه يعتبر الأخير أهمها و أشهرها.
لا تزال معرفة تقاليد الصيد في المغرب، حول استغلال الموارد البحرية لبلدنا ومجتمعات الصيد التابعة له، غير مدونة.
رغم أن وجود مثل هذا النشاط وما يرتبط به من صناعات ملحقة لمعالجة الأسماك وتعليبها مشهود به على الساحل المغربي منذ العصور القديمة.
فالأبحاث التي تتعقب أثر الثروة السمكية في المياه المغربية، التي يعود تاريخها إلى القرن السادس عشر، وتلك المهتمة بمجتمعات الصيد المنتشرة على طول الساحل المغربي، التي يعود تاريخها إلى سنوات 1920-1930 ، خلصت إلى أن المغرب هو بلد سمكي بامتياز، مع تقاليد عريقة في الصيد.
فقد ورث المغاربة تقليدا أصيلا في الصيد، كما تشهد بذلك القوارب الشراعية التي كانت تعب البحار و المحيط إلى حدود 1960 في منطقة رأس بدوزا، و قوارب التجديف التي استمر العمل بها إلى غاية 1985. وبالإضافة إلى ذلك، سجلت العديد من مركبات الصيد على الصعيد الوطني، ما يشهد على هذا التقليد. و معدات قديمة توقف العمل بها تقريبا، من قبيل الصقر و الحربة، وغيرها من ما يستعمل إلى الأن كالشباك الشاطئية وشباك التطويق، و خيوط الصيد اليدوي و خيوط الصنار، و الخيوط الطويلة و شباك لامباروس و شباك الجر و الشباك المنجرفة و شباك الجر في أواسط المياه.
وقد أظهر الصيد البحري في المغرب على قدرة كبيرة على التكيف. ففي عقدين من الزمن، تطور المستوى التكنولوجي للصيد بشكل جلي. ولا تزال هذه الدينامية مستمرة، كما يتضح من أساطيل الصيد الساحلية وتلك المتمركزة في أعالي البحار، والموانئ الحديثة وأسواق الأسماك ومصانع المعالجة وغيرها، ...